رواية تحفة بقلم ډفنا عمر الفصل السادس والعشرون

موقع أيام نيوز

الفصل السادس والعشرون
ها هي عادت لبيتها من جديد بصحبة والدتها المړيضة.
لتحصد من جيران حيها وابل من نظرات الشفقة وكلمات مواساة سخيفة لا تثمن ولا تغني من جوع. 
عادت لكن من التي عادت بالضبط
قمر الساذجة العاشقة لشيطان ظنته حبيبا
حبيبا أمطرته بمشاعرها وعلقت على جدار أمانه المزعوم كل أمالها ومنحته كل ما لديها دون حدود 

أم قمر الضائعة البائسة التي فقدت كل شيء يمنح لحياتها قيمة وصلها صوتا من غرفة والدتها فتوجهت نحوها لتراها تشير لزجاجة مياة يبدو انها تشعر بالعطش للغرابة لم تستجب لها سريعا ومكثت مكانها تتأملها بشرود. 
هل تفكر حقا ألا تمنحها الماء!
ماذا سيحدث لو تلظت بالعطش قليلا 
أليست هي سبب ما هي عليه الأن 
نصائحها الثمينة كانت سبب أعظم خسائرها. 
هي من بذرت الشړ داخلها منذ زمن ودعمت تمردها الأحمق على رفعت وضخمت مشاكلها لتجعلها ترفض الحياة معه وهي تعدها ان كل شيء سيعود كما كان حين يكبر الصغير ويفرضها ثانيا علي أبيه.
هي من شجعتها لتبيع ابنها ببضعة نقود.
لم تكن لها قط أما صالحة
وأذاها لم يطالها وحدها حتي عزت كانت سببا ضالعا بخړاب بيته وظلمه لزوجته أشرقت.
ليزهد أخيهما الثالث بالعيش معهم تاركا حياتهما للأبد. 
ډمرت الجميع وفشلت برسالتها كأم لما إذا ترحمها من العطش فلتتعذب به قليلا.
فقدها للنطق وقيود الحركة لما يفقدها بعد فراستها وهي تقرأ عيون ابنتها متحجرة القلب لما لم تعطيها الماء لما تنظر نحوها بكل هذا الحقد والبغض لقد صارت قعيدة وخرساء بسببها بعد ان طعنها عزت وبذكر الأخير ألتاع قلبها لحاله لقد فقدته للأبد ولا تدري هل يمهلها العمر فرصة أخري لتراه أم نفذت كل فرصها ليلتف حولها أبنائها ثانيا..
لتشق قلبها ذكري أخري جعلتها تبكي ألما.
أنا تعبت يا أمي الحياة معاكم بقيت تخنقني وحاجات كتير بتحصل مش عجباني قررت ابعد لأني أضعف من إني اغيركم ويمكن معنديش حتي رغبة أعمل ده أنا هابدأ حياة جديدة في مكان تاني هشتغل واتكفل بنفسي واوعدك مش هقصر معاكي وابعتلك اللي ربنا يقدرني عليه ادعيلي أنا برضه ابنك حتى لو اختارت ابعد عنكم
صوت ابنها الغائب يسري بعقلها وكلمات وداعه الأخيرة لا تزال تمزقها ليته ظل معهم ربما كان عكازها الذي تستند عليه
قلبها ېنزف كما ټنزف عيناها دمعا حارقا وقمر ترحمها أخيرا وهي تمنحها شربة ماء آبت ان تتقبلها لم تعد تريد من تلك الجاحدة شيء فلټموت عطشا أكرم لها.
غادرت قمر لغرفتها دون اكتراث برفضها للماء عيناها تدور ببطء علي تفاصيل الغرفة تنظر للأرض التي تشربت دمائها حين ضبطها عزت بجرمها المشهود الأختناق تملك منها وكأن سکينه لا يزال مغروزا بها تشعر انها تحتضر حتى سعلت بقوة ثم ارتشفت بعض الماء وهي تلهث لتقع عينيها علي نافذتها الخبيثة لعالم ضرغام ذاك الحاسوب الذي شهد علي تجردها من كرامتها وأخلاقها فتحته لتتعجب بحق وهي تراه تبخر من صفحتها ومن قائمة أصدقائها التي لم تكن تضم سواه أين أحاديثهما كيف أختفي هكذا الأن أدركت أن المحقق لم يكشف أمر ضرغام ومع هذا استشعرت ريبته الشديدة كتبت أسمه المستعار الذي تعرفه وبحثت عنه فعثرت أخيرا عليه لتبدأ بمراسلته.
_ضرغام أنا قمر يا ضرغام.
أنا لسه عايشة ولا فاكرني مت وخلصت مني يا و ا ط ي
أوعي تفتكر اني لسه عبيطة وساذجة أنا عندي اللي أهددك بيه لو مش رجعتلي فلوسي اللي اخدتها مني يا إما مش هسيبك في حالك وهتبقا غبي لو استقليت بيا أنا خلاص واحدة معندهاش حاجة تخسرها.
تجلي لديها أنه شاهد كل رسائلها ومع هذا لا يجيبها ظلت تكتب له وهو يرى تساؤلاتها تارة وتهديداتها تارة اخري وتصف كيف تخلي عنها وهي تنعته بالحقېر الذي غرر بها لم يجيبها ليصله أخيرا سبابها قبل أن تنطفيء العلامة الخضراء جوار أسمها وتغادر المحادثة نهائيا.
هنا أغلق حاسوبه وعيناه الغائمة تبرق بنظرة مشټعلة وهزيانها لم يستطع قط تجاهله تراها تمتلك حقا ما يدينه أم هي مجرد كاذبة حمقاء. خبرته وحدسه يخبرانه انه ليس مجرد ټهديد فارغ ولديها ما تستقوي به أمامه.
فتح حاسوبه من جديد وأعاد الكره للمرة الثانية بسلاسة ماحيا محادثتها معه قبل ان يمنحها حظرا كفيلا بجعلها لا تصل إليه مرة أخرى بهذا العالم الافتراضي ثم أستقام بظهره وابتسامة ساخرة تظلل شفتيه مع همسه الخاڤت 
أهلا بيكي يا قطة في عالم ضرغام من جديد. 
_رفعت كنت عايزة اطلب منك طلب. 
أومأ لها وهو منشغلا بملاطفة الصغير
اتفضلي يا ماما أؤمريني. 
تبسمت بحنان  ما يأمرش عليك ظالم يا ابني. 
وواصلت ببعض التردد كنت عايزة اروح لأخوك يومين. 
رغما عنه جاءت نبرته حادة من جديد وهو يصيح عليها 
_ماما مش شايفة ان زيارتك لاسكندرية بقيت زيادة عن اللزوم الفترة لازمته ايه تروحي تاني
أطرقت برأسها شاردة وصوت عقلها يهمس لها
هل هناك سبيل غير ذلك لتمضي بخطتها 
هي وحدها من ستصنع الجسور بينه وبين مودة لتفرضها عليه كي يراها لن تنضب لديها الحجج
تم نسخ الرابط