رواية بقى منها حطام أنثى لمنال سالم
المحتويات
انا وانتي بسرعة وأكيد زعلت .. يالا بس بسرعة
أجابته روان وهي تحرك كتفيها بعدم فهم
اللي يريحك
التوى ثغره بإبتسامة واثقة ومسح على رأسه بهدوء فربما ما فرقهما يوما سيعيدهما إلى بعض من جديد ............................
.................................................................
وبقي منها حطام أنثى
الفصل السابع والعشرون الجزء الثاني
وما ضرني غريب يجهلني
وإنما أوجعني قريبا يعرفني
لم تعد تطيق إخفاء مشاعرها المټألمة بل الأحرى أنها لم تعد ترغب في الهروب والإختباء ..
كفاها معاناة في صمت ..
هي تحتاج لمن تشكو إليه وتبوح له بما يجيش في صدرها .. وتروي عما ينهش بقايا روحها .. فمن ذاك الذي سيصغي إلى أوجاعها
إنزوت في غرفتها واعتزلت كل شيء ..
شعر هو بها .. لقد تبدلت أحوالها في الأيام الأخيرة وحل عليها الوجوم واكتسى وجهها الرقيق بالحزن ..
لقد
عادت كما كانت منذ انفصالها فما الذي جد ..
لم يستطع الصمت تلك المرة فهي أخته وهو عاهد أبيه أن يكون سندها أن يهون عنها آلامها .. فلم يتردد وولج إليها في غرفتها ..
مسحت عبراتها حينما رأته يقف أمامها وابتسمت بسخرية ..
جلس إلى جوارها على طرف الفراش ونظر لها بحنو وهو يسألها
لم تمنع نفسها من البكاء أمامه وارتمت في أحضانه لتخبره بذلك العبء المثقل في قلبها .. فهو في النهاية شقيقها ويحمل زمرة ډمها ..
سردت عليه ما حدث كاملا منذ بداية إلتحاقها بالعمل عند مالك وما آلت إليه الأمور ..
لم تخش من ذكر التفاصيل دون حذف أو تجميل ..
بل على العكس هي شددت
على ذكر ما تشعر به حياله وكيف لم يتوقف قلبها عن النبض من أجله ..
ربما ظنت أنها لم تعد تحبه ولكن منذ تجدد اللقاء بينهما وهي أدركت أنها غارقة في عشقه ..
استشعر عمرو حديثها كاملا بقلبه تلك المرة وأنصت لها بآذان محب مثلها ..
لمست كلماتها قلبه ورق لها وأخذ ېعنف حاله على تسببه فيما وصلت هي إليه .. وبعد أن انتهت من البوح بمشاعرها وجدته يحتضن رأسها بين راحتيه ثم نطق هامسا بنبرة عاطفية تحمل العتاب
كنتي قولتيلي من الأول يا إيثار ليه شيلتي كل ده لوحدك !!!
ردت عليه إيثار بنبرة متآلمة وهي تحاوط كفيه براحتي يدها
عشان مينفعش حد يشيله معايا بس النهاردة حسيت إن كده كتير عليا وكان لازم أتكلم مع حد !
مسد عمرو على شعرها ثم أعاد خصلاته خلف أذنيها وهو يتساءل بإهتمام
أجابته إيثار بلهجة قوية عنيدة تحمل من الكبرياء الكثير
هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أقنع صاحبة المكتب تخليني أشتغل عند ناس تانية .. مقدرش أروح هناك تاني بعد ما طردني وحسسني بإني أقل من أي حد كفاية أوي كده !
تنهد بحزن واضح ..
تغيرت شقيقته ونضجت ..
جعلتها الظروف تقهر كل شيء يحاول العصف بها لتنهض لوحدها من جديد ..
ابتسم لها عمرو بحنو وربت على ذراعيها ودعمها قائلا
انا واثق في اللي هتقرريه وهسيبك على راحتك !
ردت عليه وهي تومئ برأسها
ماشي
نهض عمرو من جوارها ثم أشار بيده للخارج وهو يقول
هطلع أشوف ماما وانتي ارتاحي ونامي شوية !
هزت رأسها موافقة فانصرف من حجرتها ..
اعتدلت في جلستها ونظرت حولها بفتور ثم استندت بظهرها على مؤخرة الفراش وتنهدت بعمق لتطرد تلك الشحنات السلبية عن صدرها ..
مدت يدها لتمسك بإحدى المذكرات خاصتها وبدأت ترسم بقلمها الړصاصي هي لا تفقه شيئا عن فن الرسم ولم تجربه قط .. ولكنها اكتشفت أن لديها حركة يد خفيفة ماهرة تمكنها من الرسم بحرفية. . فابتسمت لنفسها بسخرية .. ولكنها استمتعت بما تفعله ..
.................................
في هذا الآن وصل مالك إلى منزل عمته و معه الصغيرة ريفان وشقيقته ..
جلس الجميع جلسة ودية أسرية تطرقوا فيها للحديث في مواضيع عامة ...
انتقى مالك الوقت المناسب لينفذ مخططة الذي جاء خصيصا إلى هنا من أجله دون أن يثير الشكوك
هو عزم على عدم الاستسلام أو اليأس مع أول محاولة لصده منها ..
هي ملكه حبيبته .. ومعذبة فؤاده .. وهو سيستعيدها من جديد ..
نعم سيجتهد للوصول إليها أيا كانت النتائج ..
هداه تفكيره المتهور بالذهاب إليها في منزلها ..
ولكن ما استوقفه عن تنفيذ ذلك هو رد فعل أخاها عمرو تجاهه خاصة بعد مواجهتهما الأخيرة والحادة .. فقرر اللجوء لتنفيذ مخطط أخر. ...
_ ولج لحجرته القديمة ثم فتح النافذة وأطل منها لينظر للأعلى بشغف المحب العاشق ..
كان ضوء غرفتها مضاء فأستنبط أنها تمكث بها ..
زادت حماسته وبدأ يتأهب للتنفيذ ..
عاد لداخل الغرفة و أخرج آلته الموسيقية ثم عاد ليقف في الشرفة ..
أخذ نفسا عميقا حپسه في صدره ليسيطر على الارتباك الرهيب الذي يجتاحه ..
زفر أنفاسه على مهل وأغمض عينيه ليبدأ العزف على كمانه بعذوبة ساحرة بنفس اللحن القديم ..
نعم هو عزفه من أجلها مسبقا قبل سنوات وها هو اليوم يقف في شرفته يعيد على مسامعها ألحانه الشجية ..
ألا تشفقين علي حبيبتي
ألا تغفرين خطيئتي
أنا المتيم العاشق لترابك محبوبتي
تناغمت ألحانه مع إحساسه الصادق ففتح عيناه ليحدق بالأعلى مترقبا تلبيتها لنداء عشقه ...
............................
خفق قلبها وبقوة وتحرك في مكانه على إثر سحر نغماته .. شعرت بحالة من اللهفة له وقد زاد شوقها إليه ..
أكلها الحنين لسماع ألحانه
لرؤيته
للمس كفه ..
هي تشعر بالحياة وقيمتها فقط في حضوره الذي يبرز تأثيره عليها ..
دار بخلدها لمحات من الماضي اشتاقت لرجوعها والعيش بين طياتها من جديد ..
فهبت من مكانها بلا وعي لتقف خلف النافذة فاخترق الصوت آذانها ولمس وتر قلبها
ترقرقت عبراتها اللؤلؤية على وجنتيها فأطبقت على جفنيها بخزي عندما تذكرت طرده لها ونعتها دائما بخائڼة العهود بائعة الوعود ..
عاتبت نفسها على حنينها الجارف إليه كيف ترق دوما إليه وهو سبب شقائها وتعاستها
ألا تكفين يا نفسي عن الحنين ألا تملين من الاشتياق إلى من جعلك تعانين
ردت إليه الروح عندما لمح خيالها خلف النافذة فزاد لحنه شجنا وكأنه يحدثها يرجوها أن تصفح عنه قسوته حيالها ..
ظل يعزف بعصا الحب السحرية واللحن يزيده إحساسا وعاطفة إليها ...
انتظر أن يرق قلبها له وأن تطل بعينيها البندقتين لتراه .. ولكنها خذلت توقعاته فقد اختفى ظلها وانطفأ ذلك الضوء ليعلن عن رفضها فتلاشى بريق الأمل من عينيه ...
هو علم برفضها لإعتذاره الغير المباشر واستشف
تنهدت روان بعد أن استشعرت الحزن في عينيه
طب ليه ټعذب نفسك وتعذبها بالشكل ده
رد عليها مالك بجمود وهو يجاهد لكي يفر من محاصرتها له وكشفها إياه
انتي بتقولي إي! مفيش حاجة من الكلام ده ..
ارتبك نوعا ما وهو يتابع قائلا
انا بس وحشني العزف مش أكتر من ساعة ما لانا ماټت وأنا بطلت أعزف تاني .. هي الوحيدة في الغربة اللي كانت بتشجعني أعزف !
همست روان وهي تضغط على مرفقه متغيرش الموضوع وتلف عليا يامالك ! أنا اكتر واحدة عارفة انك لسه بتحبها !
ثم صمتت للحظة قبل أن تضيف بهدوء
و.. وهي كمان لسه... !
خفق قلبه بقوة لعبارتهها الأخيرة هو متأكد من حبها له .. ولكنه يخشى من خسارتها ..
تعمد مالك ألا يظهر مشاعره أمامها وتحرك مبتعدا من جوارها وهو يهدر بإنفعال
روان .. مش عايز أتكلم في الموضوع ده
احتجت روان وهي تهز رأسها برفض شديد
لا مش هسكت لازم أخليك تواجه نفسك .. اللي بتعمله ده حرام ليك وليها كفاية !!!!!
أنا هساعدك توصلها هطلع أكلمها دلوقتي و...
_ أفاقته عبارتها من حزنه وانتبه لها عندما اقترحت الصعود إليها ..
ما أثار حنقه هو وجود عمرو بالأعلى فرفع رأسه بعجالة وهتف بنبرة متشددة ومعارضة
لأ مش هتطلعي آآ ..
نظرت له بتوجس فأكمل مبررا
أقصد مش هاينفع تطلعيلها واخوها فوق بس.. آآ.. بس ممكن تحاولي تتصلي بيها يمكن فتحت تليفونها !
عضت روان على شفتيها وردت بحذر وقد تفهمت مقصده وسبب رفضه
حاضر .. اللي يريحك
وبالفعل قامت روان بمحاولات عديدة للإتصال بها ولكن تعذر عليها الوصول إليها .. وفشل هو إيضا عقب محاولات عدة.
..................................
إحباط رهيب سيطر عليه خاصة أن الأمر استمر لبضعة أيام ..
أصبح منفعلا بصورة زائدة ودائم العصبية والتشنج ..
كل الطرق إليها باتت مسدودة .. ولم يعد أمامه سوى ذلك السبيل ...
مديرة عملها .. هي الوحيدة التي ستعاونه على الوصول إليها ..
وبالفعل أصاب في اختياره فما إن علمت برغبته في مقابلتها بمقر المكتب حتى شرعت بتنفيذ مطلبه ..
فهو يشكل أحد أهم العملاء مع مكتبها وإرضائه سيضيف إليها .. ولذا لن ترفض طلبه
..........................
_ وفقا لقواعد وأسس المكتب .. يتم الحصول على رقم هاتفي احتياطي للتواصل مع العاملين في حال تعذر الوصول إليهم بالطريقة الطبيعية المباشرة ..
وكان هذا الرقم هو رقم والدتها ...
حيث قامت المديرة بشخصها بمهاتفة والدة إيثار وإبلاغها بضرورة حضورها لإستلام عمل جديد كبديل عن السابق ومهامه ستوكل إليها ..
شعرت إيثار بالحزن لتركها الصغيرة ريفان بعد أن تعلقت بها جدا .. كذلك كانت هي أحد مصادر فرحتها وبهجتها ولكن ليس بيدها حيلة .. فهي مجبرة على الحفاظ على كرامتها وإكمال مسيرة عملها..
فقررت الذهاب للمكتب التابعة له للإتفاق على التعاقد الجديد وإستلامه.
وطأت بقدميها مقر المكتب وولجت لحجرة المديرة المسئولة عن المكان رحبت بها الأخيرة وأملت عليها بهدوء
في أوضة الاستضافة هتلاقي العميل الجديد مستنيكي عشان يتكلم معاكي!
ابتسمت لها إيثار وهي تهز رأسها بإستسلام
حاضر !
_ غادرت الغرفة بهدوء ثم سارت عبر الرواق الطويل والمفترش بالبساط الأزرق السميك حتى وصلت أمام غرفة الاستضافة ..
لا تعلم لما كل تلك الرهبة التي بداخلها..
ولا تدري سبب هذا التوتر الذي يعتري كل ذراتها دون داعي ..
فتلك ليست المرة الأولى التي ستقابل فيها عميلا لكن الأمر مختلفا ..
إحساس غريب يجتاحها يجعل دقات قلبها تتسارع وكأنها في سباق عدو ..
استطاعت أن تفسر ماهية كل هذه المشاعر المتوترة عندما وقعت عيناها عليه حينما ولجت لداخل الحجرة...
حدقت فيه غير مصدقة أنه أمامها وأنها تراه بطلته الآسرة ..
اهتز كيانها لرؤيته وعلت دقاتها من جديد وهي تراه بهيئته الجذابة تلك أمامها ..
أفاقت من توترها وصډمتها و فكرت بالتحرك سريعا والهروب من أمامه ..
هي لن تتحمل المواجهة من
متابعة القراءة