رواية بصائر تغشاها الثرى بقلم ډفنا عمر الفصل الثالث "حصري"لموقع أيام.

الصحون امامهم ويرحل. 
_ يلا يا جيجي ناكل ونطلع أوضتنا عايزة افرد رجلي على السرير يا بنتي.. دي ورمت من قعدة الكراسي. 
_ سلامتك يا ماما.. حاضر نتغدى بسرعة ونطلع..حتى نعدي على اوضة ضحى في طريقنا و .
_ لأ.. افرضي مريحين ولا حاجة سيبي صحبتك براحتها مع جوزها وخلي كارما معانا خليها تنام في حضڼي.
لم تعلق على قول والدتها وبحنق دست شيء من الطعام بفمها وشعور غريب يثير غيظها وهي تتخيل أن صديقتها الأن تقضي لحظات خاصة بين ذراعي زوجها..لتغمض جيلان عيناها
شدي حيلك يا غزل وهاتيهم ورا بعض وانتي لسه صغيرة وبصحتك
قالتها العمة وهي تداعب حفيدتيها التؤام عائشة وفاطمة لتجيبها غزل بنبرة ساخرة. 
_ قصدك أجيبهم ورا بعض عشان ياخدوا اللي فاضل من صحتي يا عمتو.. ده انا من وقت ما ولدت البنات وانا مش عارفة انام زي خلق الله..أنا أصلا مش ناوية اجيب ولاد تاني.
لم تكن المفاجأة من نصيب العمة وحدها بل أصيل الذي أتى من خلفها معترضا.
_ ايه اللي بتقوليه ده يا غزل
قالت بهدوء كأنها وحدها صاحبة القرار. 
_ بقول مش هخلف تاني يا أصيل انا معنديش استعداد افضل في الدوامة دي تعب وسهر وعكننة من زنهم ليل نهار كفاية علينا البنتين. 
_ وده اسمه كلام ناس عاقلين بردو يا بنتي
_ ده هو ده عين العقل يا عمتو.
هنا بدأ صياح الصغيرتان يعلو وكأنه اعتراض لتذمر والدتهما منهما أكثر منه ألما لمعدتهما الفارغة. 
_ هقوم اعمل رضعة للبنات. 
_ وانتي مش بترضعيهم من صدرك
اجابتها بلامبالة. 
_ لأ.. من يوم ولادتهم واللبن عندي ضعيف مش بيشبعهم بعوضهم باللبن الصناعي لحد ما تعودوا عليه.
اعترضت العمة تلك المرة ببعض الضيق. 
_ ده لأنك استسهلتي يا غزل أنا وامك قولنالك تاكلي وتشربي حاجات تدر اللبن عندك لحد ما الدنيا تظبط معاكي. 
_ يا عمتو انا معنديش استعداد أكل او اشرب حاجات تتخني وتخلي جسمي زي الفيل..
_ المفروض عشان عيالك تعملي أي حاجة.. لبن الأم افضل لهم مليون مرة من اللبن الصناعي.
_ والله يا عمتو هما مش أول ولا أخر أطفال ترضع لبن صناعي ولما يكبروا شوية هأكلهم حاجات مفيدة تعوضهم.
واستطردت بقلة ذوق. 
_وبعدين يا عمتو مع احترامي لحضرتك سيبيني أربي بناتي بالطريقة اللي تعجبني ومفيش داعي لنصايح مش هتناسبني
_ غزل!! 
قالها أصيل متدخلا بصياح وڠضب.
_ انتي بتكلمي ماما كده ازاي دول أحفادها وتتدخل زي ما يعجبها وليها الحق تنصحك وتفرض عليكي رأيها كمان. 
_ لا يا أصيل انا مفيش حد من حقه يفرض عليا حاجة.
_ متزوديهاش يا غزل وتخليني اخرج عن شعوري. 
همت بالرد عليه وسط بكاء الصغيرتان الذي تصاعد بينهما لتقاطعها العمة بانزعاج. 
_كفاية رد على جوزك يا غزل.. روحي اعملي الرضعة لبناتك اللي ھتموت من الجوع وكملي انتي وجوزك خناق بعدين.
اطاعتها ليس تأدبا بل تملص من نقاش يزعجها مالهما ومالها.. هي أدرى بما يناسبها ولن تفعل إلا ما يروق لها فعله.
مسح على وجهه يهديء من غضبه قبل ان يقترب من والدته يقبل كفيها معتذرا.
_ حقك عليا يا ماما متزعليش منها ما انتي عارفة بنت أخوكي ساعات بتكون غشيمة في كلامها.. واوعدك اللي حصل ده مش هيعدي.
رغم نقمتها وحزنها من ابنة اخيها لكن لن يرضبها ان تصير أزمة بين ابنها وزوجته بسببها.. فافتعلت ابتسامة وهي تقول. 
_ يا ابني محصلش حاجة بلاش تكبر الموضوع هو انا هتوه عن طبع غزل بنت اخويا هي بس تلاقي اعصابها تعبانة من قلة النوم وتعبها مع البنات عشان كده عصبية حبتين..وموضوع الخلفة ده مجرد كلام..بكرة هي اللي تشتاق وتخلف مرة واتنين.
اخذ من قولها مبررا ليدعم زوجته رغم انه داخله غاضب مما فعلته. 
_ اه والله يا ماما غزل فعلا تعبانة مع البنات ومش بتنام وانا بحاول اساعدها أد ما بقدر. 
_ مش عيب يا حبيبي اما تساعد مراتك.. في النهاية دول بناتكم انتم الاتنين.
_ أسمعي يا غزل.. أول واخر مرة تكلمي امي بالطريقة دي انتي فاهمة 
_ أوف بقا مش هنخلص احنا من الموال ده..كنت قلت ايه يعني يزعلها. 
_ قولتي ايه انتي اتكلمتي معاها بمنتهى قلة الذوق..مش دي عمتك اللي طول عمرك بتحبيها ينفع تكلميها بالشكل الفج ده يا غزل وتحرجيها
ليواصل لومها. 
_ عمتك دي اللي مشتيها زعلانة وصتني مزعلكيش وقالتلي انك عصبية من قلة النوم واني اتحملك.. دافعت عنك وانتي عملتي ايه في المقابل يا ستي كنتي اجبري خاطرها بالكلام وفي النهاية انا وانتي أحرار نتناقش في موضوع الخلفة براحتنا.. مش تتكلمي بالفظاظة دي معاها. 
صمتت دون رد وفي ضميرها تلوم نفسها.. هي بالفعل كانت حادة وفظة معها رغم انها طيلة عمرها تحب العمة وتقدرها. 
_ غزل انا ممكن اتحملك في أي حاجة تعمليها إلا إنك تتجاوزي حدودك مع امي مرة تاني..صدقيني مش هسكت وقتها وهزعلك أوي.
اقتربت منه تغمغم برقة تلطف الاجواء بعد شعورها بالذنب وسوء ما فعلته. 
_ هتزعلني ازاي يا سي أصيل وريني كده 
_ وقتها هتشوفي. 
وهم بتركها لتتشبث بذراعه.
_ أصيل. 
وقف في موضعه عابسا دون النظر نحوها لتقول. 
_ عندك حق أنا شكلي كنت قليلة الذوق شوية مع عمتو. 
_ مش شوية.. كتير. 
_ كتير يا سيدي.. وحالا هتصل عليها اصالحها.
راقبها وهي تحدث والدته عبر الهاتف تراضيها بالكلمات وتضحك معها ليبتسم برضا لفعلتها رغم چنونها ومزاجها المتقلب دائما لكنها تحب والدته.. ربما حقا إرهاقها هو سبب سلوكها الفظ أحيانا.
_خلاص يا سيدي ارتحت كده
قالتها براحة بعد ان تصالحت مع العمة ليقول. 
_ مش مسألة راحة لكن انتي غلطتي وكان لازم تصلحي الموقف.
ثم جذبها لتجلس جواره يحدثها بهدوء لا يخلوا من رفقه بها. 
_ غزل ياريت تتحكمي شوية في العصبية اللي انتي فيها الأيام دي.. حبيبتي استمتعي بأمومتك والنعمة اللي ربنا رزقنا بيها.. فاطمة وعائشة يستحقوا تسهري الليالي عشانهم وأنا بحاول أد مبقدر أساعدك في مسؤوليتهم لاني فرحان بيهم وكل يوم اشكر ربنا عليهم..ورغم اني عارف الكلمة دي بتضايقك بس هقولهالك تاني.. في غيرنا مش طايل ضفرهم يا غزل.
تنهدت وهي تنكس رأسها دون رد ليرفع ذقنها برفق هامسا توعديني تكوني اهدى من كده
اكتفت بإيماءة من رأسها ليغمغم بمكر. 
_ طب انتي صالحتي ماما.. وأنا
_ انت ايه
_ صالحيني. 
_ يا سلام! هو انا زعلتك عشان اصالحك
_ ايوة زعلتي أمي. 
_منا صالحتها فاضل ايه تاني
_ فاضل تصالحي ابنها. 
_ يلا. 
لم تستطع إلا ان تضحك على طريقته لتستجيب لرغبته قبل ان يقاطعهما صوت بكاء الصغيرتان فابتعدت سريعا تهرول نحوهما..ليغمغم بإحباط لنفسه. 
_ اهي سابتك وراحت تستمتع بأمومتها زي ما نصحتها يا فالح.. نام يا فقري شكل الليلة مضړوبة من أولها. 
أخيرا انتهت من تنظيف البيت بأكمله ولم يتبقى إلا تزينه ليتماشى مع مناسبة ذكرى زواجهما الرابع وقفت تتأمل صورة زفافهما المعلقة فوق الجدار مبتسمة بهيام لا تبالغ لو قالت انها لا تزال تشعر أنها عروس من فرط ما يدللها ريان..هو يحبها وهي تعشقه وتدعوا الله ألا تخبؤ شعلة حبهما طيلة العمر.
_ أنتي أول مرة تشوفيه ولا أيه يا ست ضحى
صوت صديقتها خلفها قاطع تأملها لتستدير نحوها قائلة بحبه يا جيجي..بحبه اوي. 
مسحة ضيق