رواية بصائر تغشاها الثرى بقلم ډفنا عمر الفصل الثالث "حصري"لموقع أيام.

دي رغبتها مش كل الستات زي بعض في ست بتعرف تكيف نفسها في حدود بيتها وولادها ولتكتفي بيهم وست تانية طاقتها وطموحها بيكونوا أعلى من كده أديها فرصتها وخليها تجرب. 
تنهد باستسلام. 
_ ده اللي عملته بس معرفش ليه في حاجة جوايا مش مرتاحة. 
_ ده طبيعي بس هتتعود خصوصا لو مراتك هي قدرت توازن بين بيتها وشغلها من غير ما تحسسك بالتقصير وقتها هتعتاد الامر وتتقبله. 
واستطرد. 
_ ما انت عارف إن مراتي شغالة في مدرسة خاصة بتدرس لأطفال كي جي ..حتى انا مقدم لكارما بنتي معاها.. ومفيش أي تأثير على حياتنا بالعكس.. هي مبسوطة وانا مرتاح. 
هز أصيل رأسه مصدقا على حديثه يمكن معاك حق. 
ثم نهض يودعه هسيبك بقا كفاية رغي وضياع لوقت الشغل. 
ثم أشار له وهو يرحل. 
_ بس ليا في ذمتك فنجان قهوة. 
_ بس كده حالا هخلي عم صلاح يعملك أحلي فنجان قهوة يعدل دماغك وابعته على مكتبك. 
لم تقطع عادتها قط.. بأول كل شهر تطل عليها تحمل فوق رأسها سلة الخوص عتيقة الطراز المحملة بالخيرات لها ولصغارها..حقا لا تدري لولا والدة زوجها ماذا كانت تفعل بحياتها الشاقة مع هاشم سبحان من جعل لرجل قاسې شحيح مثله أم حنونة كريمة مثلها.
_ نورتي الدنيا كلها يا طنط.. والله زيارتها بحسها زي هلال العيد كل شهر.
ابتسمت والدة هاشم بحنان تقول. 
_تسلمي يا غنى يا بنتي ويبارك فيكي وفي ولادك ويهديلك هاشم ابني.
أمنت على دعائها لتسترسل الحماة. 
_و المرة دي كلنا فعلا منتظرين هلال العيد يطل علينا الاسبوع الجاي رؤية هلال شعبان ينعاد عليكم بالخير يا بنتي.
_اللهم امين.. ربنا يبلغك و يبلغنا رمضان على خير يا طنط..والله نفسي تيجي تقضيه كله معانا. 
_ وعمك مين يراعيه ويشوف طلباته مانتي 
اللي فيها يا غنى. 
اومأت بتفهم. 
_ عارفة ياطنط عارفة. 
بدا على ملامحها الاهتمام وهي تحدثها. 
_ هاشم فين
_ لسه في شغله فاضله ساعتين ويجي. 
_ طب تعالي جنبي عايزاكي في حاجة مهمة. 
اقتربت لها تنتظر ما تريد قوله بقلق لتجدها تجلب شيء ما مغلف ويشبه صندوق صغير من حقيبة جوارها. 
_ افتحي العلبة دي وشوفي فيها ايه. 
فعلت كما أمرتها لتجد مجموعة من المصوغات الذهبية عتيقة التصميم ثقيلة الوزن. 
_ ده دهبك يا طنط جايباه هنا ليه
_ عايزاكي تخليه عندك أمانة. 
تعجبت غنى قائلة. 
_أمانة ماهو عندك في أمان بردو ومحدش معاكي في البيت غير عمي.. ليه عايزاه يكون عندي 
قالت بنبرة من أخذ قراره. 
_ أسمعي الكلام يا غنى..الدهب ده لازم يفضل عندك.. ولو في يوم ربنا أخد أمانته اعتبريه بتاعك وميراثك انتي وأحفادي..اتصرفي فيه زي ما يعجبك يا بنتي.. يمكن ينفعك في وقت زنقة محدش عارف.
انقبض قلب غنى لحديثها لتهتف بانزعاج. 
_ ايه اللي حضرتك بتقوليه ده يا طنط ميراث ايه ربنا يديكي الصحة وطولة العمر وتعيشي لحد ما حفيدتك تكبر وتشوفيها عروسة وتلبسيها الدهب بإيدك. 
ابتسمت ابتسامة حزينة. 
_ ياريت يا بنتي بس انا خلاص ست عجوزة رجليها والقپر وعايزة اطمن عليكي انتي واحفادي.. مش عايزة بعد ما اموت تقعي في مشكلة ومتلاقيش اللي يساعدك. 
ترقرقت عين غنى وانقباضة قلبها تزداد. 
_ أرجوكي يا طنط بلاش الكلام ده بيوجع قلبي. 
ربتت على وجنتها بحنان تقول. 
_ يا بنتي الحياة والمۏت حق علينا وقدر مفيش منه مفر..أنا دلوقت بوصيكي ان محدش يعرف حاجة عن الدهب ده حتى بعد مۏتي بالذات هاشم..للأسف ابني مبيعرفش قيمة حاجة ويمكن يبيعهم ويصرفهم على نفسه وانتي وعيالك تتبهدلوا.. عشان كده انا فهمته اني بعت دهبي عشان يساعد في علاجي أنا وابوه.. وانتي خليهم معاكي للزمن.. لو الأيام جت عليكي يا غنى بيعي منهم وفكي ضيقتك.. لو محتاجتيش خليهم لأحفادي واقسميه بينهم.. عمرو ياخد نصيبه لعروسته وشهد تاخد نصيبها يوم فرحها.. أهو هدية وذكرى من جدتهم يفتكروني بيها بعد ما اموت.
تركت الصندوق من يدها واندفعت تعانقها دون ان تسيطر على دموعها تقول بصوتها الباكي. 
_ ربنا ما يحرمني منك أبدا ولا يجي اليوم اللي مقدرش اتحمله..أنا عمري ما شوفت أم زوج في حنيتك وعطفك.. ربنا ياخد من عمري ويديكي. 
_ قولي ربنا يديكي العمر وتعيش لولادك وتكبريهم وتوصليهم لبر الأمان.. انا عارفة انك مش هتقصري معاهم عكس ابوهم الله يهديه ويصلح حاله.
وابتعدت عنها لتجفف الدموع من وجهها برفق قائلة. 
_ حقك عليا مقصدش انكد عليكي يا غنى.. بس محدش يا بنتي ضامن في عمره دقيقة جاية.. وانا حبيبت اطمن و اوصيكي وصيتي اللي عارفة انك هتنفذيها وتصوني الأمانة.. والأمانة هنا مش الدهب بس يا غنى.. أحفادي هما كمان أمانتك.
اعتصرت الدموع بعيناها وهي توميء لها غير قادرة على قول شيء.. قلبها يؤلمها وتشعر بالخۏف الذي لم يكن ينقصها.
_ يلا قومي شيلي الدهب في حتة محدش يوصلها واغسلي وشك قبل ما حد يجي. 
حركت رأسها بطاعة ونهضت غنى وروحها مفتقدة طاقتها وقلبها تعتصره غصة ألم وخوف.