رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الثالث

موقع أيام نيوز

انزلق أرضا لتملأ محيط دائرة مقعدها الصغير.. وكلما سقط شعرها كلما تسللت إليها راحة غريبة.. وكأنها تتخلص من حمل ثقيل فوق رأسها.. يجب أن تصير بشعة ودميمة.. نعم .. لن تترك مجالا لجمالها أن يتنفس بعد الأن..! سيموت كما ماټت روحها تماما..!
.
عاصم  بلقيس فين يا درة
تمتمت  في أوضتها فضلت معاها لحد ما نامت وقلت اعملها أكله بتحبها عشان تاكل!
بدا عليه الأرهاق وهو يردف  طب أنا هطلع انام جمبها شوية لحد ما تخلصي وابقي صحينا..!
_ ماشي ياحبيبي.. هسيبكم ساعة واصحيكم للغدا..!
صعد إليها مشتاقا لضمھا لصدره فرغم انه عاد لممارسة أعماله إلا أن عقله دائما معها.. وصل لغرفتها وما أن عبر داخلها حتى اتسعت عيناه بذهول والأرض حول ابنته غارقة بخصلات شعرها المبتور وهي جالسة بعين تائهة أما المرآة تقصه بوعي غائب!  فركض تجاهها سريعا وهو يلفظ إسمها بفزع نازعا المقص من يدها ثم ضمھا باكيا ولا يفهم سببا لتصرفها الغريب.. وعلى أثر صراخه أتت درة لتأخذ نصيبها من الصدمة والبكاء وهي تضم ابنتها بنحيب متسائلة عن سبب ما حدث وكيف.. ولكن لا إجابات! فقط الجمود هو ما يتجسد على ملامحها الباردة رغم رؤيتها أنهيار والديها في المرآه..!
_______________________
بلقيس بتحمل جمالها سبب اللي حصلها
انتبهت جميع حواس عاصم وهو يستمتع لطبيب ابنته الذي واصل استرساله
يعني تصرفها مبرر جدا نفسيا يا سيد عاصم.. الحاډث اللي اتعرضتله خلاها على يقين تام إن جمالها سبب رئيسي في الحاډث وعقلها رسخ جواها إنها لو اتخلصت من أسباب جمالها هتكون في أمانوبعيد عن أي عيون تطمع فيها وتأذيها تاني!  فطبيعي تكره أي حاجة تظهرها جميلة وأول حاجة فكرت تتخلص منها شعرها اللي بدونه هتكون دميمة وتحقق هدفها
أطرق رأسه بحزن شديد على ماتعانيه صغيرته وتمتم فهمت السبب بس انا دلوقت خاېف ټأذي نفسها بأي شكل أو تفكر ټنتحر مثلا أعمل إيه عشان احميها من افكارها يا دكتور..!
عدل عويناته وأردف مش وارد أبدا إنها ټأذي نفسها بشكل مباشر بفكرة اڼتحار..هي بس بتحاول تطمس جمالها نفسه سواء بقص شعرها.. أو خدش بشرتها بضوافرها زي ما حصل قبل كده.. أهم حاجة يبقى في رقابة عليها طول الوقت..ويكون في حذر أنها تلاقي أي أداه حادة تساعدها  زي المقص وغيره..!
أطرق رأسه ببؤس ماشي يادكتور.. ربنا يفك الكرب ويشفيها.. وترجعلي تاني.. بنتي وحشتني أوي وهي بتكلمني.. وهي بتضحك.. وهي بتستناني كل يوم بالليل ارجع وتجري عليا زي الأطفال تقولي يلا يا بابا الفيلم هيبتدي.. كنا كل العالم بتاعها وهي فرحتنا في الدنيا..!
وجد الطبيب نقطة تستحق التوضيح فتمتم 
هي دي المشكلة ياسيد عاصم.. مع كل تقديري وتعاطفي مع مشاعرك بس عشان أما بلقيس تخف تتعاملوا معاها بأسس صح!
بدا على الأخير الأهتمام 
مش فاهم واحنا كنا بنعامل بنتنا غلط!
_ مش غلط مقصود طبعا.. بس انتم خليتوا كل العالم بتاعها هو انتم الأتنين وبس.. حطيته سياج من المحاذير المطعمة بالخۏف انها تتمرد وتبعد عن مداركم.. بس هي كبرت.. وشافت ازاي اقرانها عندهم حرية أكتر بكتير منها..حبت تجرب أول تجاربها من وراكم.. كانت ممكن تكلمكم وتقول انا عايزة مساحة من الحرية.. بس خوفكم وقفها..!
وواصل  أمان ولادنا اننا أولا نربيهم على الدين الصح نغرز جواهم الخۏف من ربنا مش مننا.. نطلق صراحهم اما يشد عودهم مادام اتحصنوا بالفهم الجيد لكل شيء.. نديهم ثقة كاملة عشان يحسوا بقيمتهم.. مش نحوطهم بالقيود اللي في ظاهرها حرية كدابة.. حركتها من مكان لمكان كانت بسيارة وسائق.. في ناس هيكون الأمر ده ليها رفاهية.. لكن ناس تانية هتحسه قيد وخنقة.. هل فكرتم في ده مرة أكاد أجزم إن مكانش لها صداقات كتير لأن هي عارفة انها مش هتكون معاهم بحريتها.. وواثق إن في مرة حصل من بلقيس انفجار وأعلنت رفضها للحصار ده گ إنذار محدش فيكم أدركه!
مر بعقل عاصم بالفعل ثورة ابنته حين رفضوا أن تذهب برحلة تبع جامعتها.. ومرة أخرى خاصمت والدتها حين رفضت ذهابها عيد الميلاد..ابنته كانت تعد انطوائية ليس لديها صديقات غير واحدة فقط بالجامعة..الآن أدرك كم ساهموا بما وصلت إليه ابنتهما.. فدمعت عيناه وهو يغمغم  يعني غلطنا أما خوفنا عليها زيادة
أراد الطبيب منحه كلمات الأمل لرؤية عڈابه فواصل
من قلت انه غير مقصود..وأسف لو ألمتك بس كان لازم اوضحلك نقاط الخطړ اللي كانت في التعامل معاها.. وعموما  فترة وهتعدي بإذن الله يا سيد عاصم الحاډث مش سهل عليها ولازم أثاروا تاخد وقتها حتى لو طولت شوية.. أنت أهم حاجة تعرفني أي تطور يحصل معاها لأن أي تصرف منها هيكون له دلالة نفسية هتساعدني في طريقة علاجها. وفي النهاية.. ومهما اجتهدنا گ أطباء الشفا دايما في ايد ربنا ومعجزاته لا تنتهي ومافيش أخلص وأصدق منك انت ووالدتها في الدعاء.. ربنا يعافيها ليكم وترجع زي الأول وإحسن..! 
_______________________
رائحة قهوة شهية عبئت محيطها مع نسمات هذا الصباح
تم نسخ الرابط