رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الثالث

موقع أيام نيوز

إلا من بعض التهكم المستتر وتمتم  أنا تقريبا أفضل حاجة بعرف اعملها دلوقت إني بنام يا أيهم..!
تنهد الأخير بضيق لحال شقيقه وغمغم 
ماينفعش استسلامك ده يا رائد.. لازم تتحرك شوية وتاخد خطوة إجابية في حياتك..لازم تتعامل مع فقدان ذاكرتك بمرونة أكتر.. مش أخر العالم يعني ابدأ شغلك أو تعالى معايا استراليا واشتغل ..المهم ما تفضلش كده بالركود ده.. الذاكرة هترجعلك في أي وقت.. لكن عمرك ده اللي بيضيع هترجعه ازاي!
أكثر ما يؤجج حنقه ويشعل غضبه.. الاستهانة بحالته
هو ضائع تائهة.. كيف التأقلم والكوبيس المفزعة تصاحب كل غفواته لتزيد حول ماضيه الغموض هل فقدان الإنسان هويته وتاريخه وتفاصيل أكثر من عشرون عام شيء بسيط ويجوز معه التأقلم والمرونة هو حتى لا يعلم كيف كانت إحلامه وماذا كان ينوي بحياته أن يكون!
_ تعالى معايا يا رائد وانا هساعدك وهكون معاك لحد ما تقف على رجلك وتحقق ذاتك في شغل يناسبك.. انت على فكرة  اتخصصت في نظم ومعلومات يعني مجال شغلك واسع وهتكون مميز وانا ممكن اوفرلك فرصة في شركة كبيرة هناك وقتها هتملى وقتك ومش هتفضى تفكر في اللي انت فيه ده..!
أنا مش موافقة أبني يسافر لأي مكان يا أيهم! 
انتبها سويا لدلوف والدتهما وهي تبدي اعتراضها على اقتراح أيهم بسفر رائد فأردف الأول 
_ يا ماما انا مش فاهم ليه متمسكة بهنا لينا مين قوليلي الحياة هناك افضل بكتير وانا كده مشتت لأن دايما بالي معاكم خصوصا بحالة رائد..!
صاحت تجادلته ببعض الڠضب  إن كنت انت خلاص يا أيهم مبقاش ليك انتماء لبلدك ومكتفي بعيلتك اللي عملتها هناك فأنا مقدرش اعيش بعيد عن بيتي وعن المنصورة اللي اتولدت فيها واتجوزت وجبتكم فيها وابوكم مدفون فيها وأنا كمان هندفن فيها..!
حاول امتصاص ڠضبها  يا أمي افهميني انا مقصدش كده.. بس انا هسافر وقلقان عشانكم وانتي عارفة اني مضطر لكده انا مقدرش اضحي باللي عملته هناك وبمكانتيانا ومراتي هنا عمرنا ما كنا هنقدر نحقق حاجة وولادي واخدين على عيشيتهم هناك.. انما انتي المفروض تكوني مبسوطة اننا نتجمع في مكان واحد أيا كان هيبقى فين ورائد كده كده مش فارق معاه حاجة لأنه ناسي كل شيء.. إيه المشكلة بقى لو ابتدي واتأقلم هناك 
واصلت الجدال بحدة  وهو عشان مش فاكر حاجة نغربه عن بلده ونحطه في مكان غريب مش كفاية الغربة اللي جواه ماتخدعش نفسك يا أيهم انت كل اللي يهمك مصلحتك وان شغلك وحياتك ماتتأثرش.. لو مش عايز تنزل تاني خلاص براحتك يا ابني مش همنعك لكن اوعي تفكر ترسم حياتنا علي كيفك ومزاجك وظروفك!
_ بسسسس.. كفاية انتم الأتنين.. كفااااية.. محدش يفكر مكاني ولا يقرر حاجة عني ولا يقول اعمل إيه واروح فين.. انا مش لعبة في ايدكم.. انا ليا إرادة ورأي حتى لو دماغي اتمسحت بس انا هسمح لحد يتحكم ويرسم حياتي.. ابعدوا عني.. محدش يدخل في أموري بعد كده!
اتسعت حدقتيهما بدهشة وهما يتلقيان ثورة رائد ولم يدركا كم تآذى من شعور أنه أصبح شخص لا يملك لنفسه إرادة أو قرار.. ومع أخر كلماته تصاعد انهياره وهو يقذف ما تطاله يداه پغضب هادر مع تلك النوبة الثائرة التي تجهد روحه وټخطف أنفاسه اللاهثة لينتهي به الحال بمحقن وريدي يسكن هياجه وينظم خفقات قلبه ويسقط ثانيا بنومة أخرى في ظاهرها الهدوء..ليعبر بلحظات داخل سراديب عقله الباطن المزدحم بصور بشعة تتراقص أمامه تفزعه وترسم الآلم على محياه المتعرق بقطرات ملتهبة بحرارة أفكاره وأصوات صړاخ عالية تصدح لا يتذكر لمن تكون!..لتزداد طلاسمه تشابك وتعقيد وومضات آثامه الماضية تهاجم عالمه المظلم وتضيئه ليبصر أسواط من ڼار لا تترك به سوى علامات دامية لا تبصرها عينه ولكن يدركها ضميره الذي يحاول معاقبته!  ..
_________________________

تم نسخ الرابط