رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الثامن

موقع أيام نيوز

تطبيق كل ما تعلمته!
________________________
أنهي مكالمته معها وعاد لعمله بذهن مازال شارد بعد حديثهما!
لم يدري عن تلك التي أوشكت أن تطرق بابه لسؤاله عن شيئا يخص عمل كلفها به لتلتقط أذنيها صوته وهو يلفظ أسمها بحنين وشوق نغز قلبها..فوقفت تتلصص دون إرادة لتسمع قدرا ما أدمى روحها الهائمة به وهو لا يعرف..أنبأتها نبرة صوته الحانية معها أنها مازالت لها مكانة بقلبه وربما ينتظرها ليكمل حلمه القديم بها.. بلقيس لم تبرح قلب يزيد..!
............
تراجعت عن الدخول وصعدت للسطح الأخير بالشركة تختلي بذاتها بعيد عن الجميع..تحتاج تلك الخلوة القصيرة..تحتاج البكاء دون أن يراها احدا..من حقها ان تفرغ ما داخلها حتى تهدأ..وفعلت..بكت بصمت مطرقة الرأس وعلى محياها تزحف العبرات فتصادف صعود حسام لنفس السطح ليصطدم بحالتها الباكية فهتف بقلق حقيقي_
_ باشمهندسة عطر انتي پتبكي.. حصل ايه!
بظهر كفها جففت الدموع سريعا وتماسكت هاتفة بصوت متحشرج_
مافيش حاجة يا باشمهندس..عيونى بتدمع لوحدها من الصبح لأن عندي حساسية والجو مترب انهاردة!
لم يصدقها لكن جاراها ليستجلب معها حديث_
عندك حق الجو نفسه مترب..طيب في علاج معين يهدي عيونك دي حمرة جدا من كتر الدموع!
طالعت الأفق وهمست بصوت بدا عميق_
للأسف مافيش علاج..!
دنى منها قليلا وغمغم وهو يطالع بدوره السماء_
يمكن فيه بس انتي مش عارفة!
عقدت حاجبيها دون أن تلتفت تحاول فهم مقصده فواصل_
أحيانا بيكون في حلول كتير لعلاتنا او مشاكلنا بس احنا مش بندور عليها..!
ظلت على صمتها..فاستطرد وعيناه تحيد إليها_
عارف ان في حاجة مضايقاكي وطبعا مش من حقي اسأل ومش متوقع تحكيلي..بس نصيحة..مافيش في الدنيا مشكلة مالهاش حل!
همست بنفس النبرة البعيدة_عندك حق ياباشمهندس..وأوعدك هدور على حل لمشكلتي..عن اذنك!
وذهبت وهو يطالع أثرها وكم تمنى أن يخبرها بإعجابه لكن لم يجد الفرصة تناسب حديثه..ربما يحصل على فرصة أخرى ليخبرها أنها أضحت تحتل بأفكاره مساحة لا يقدر على تجاهلها..!
_____________________
عاصم_ ليه بنتي رجعت تسكت وتتوه تاني يادكتور
_متخافش يا سيد عاصم..المرة دي بلقيس سكوتها مش توهان بالعكس هي دلوقت في أعلى حالات الإدارك والاستيعاب بعد كلامنا في زيارتها الأخيرة ليا والمواجهة لرغاباتها والنتايج اللي هترتب على قراراتها وطبيعي تكون مشتتة.. الأفكار السيئة هتشدها وتحاول تسيطر عليها..بس كلامي هيحط قصاد عقلها كل المخاطر المحتملة والخسارات المتوقعة.. خلوتها اعادة حسابات وترتيب أواويات لحياتها بعد كدة..!
شعر بالغموض بحديثه فتسائل_
افكار سيئة ازاي وايه المخاطر المحتملة دي واعادة حسابات لايه بالظبط..كلامك مش واضح ويقلق!
عدل عويناته فوق أنفه وقال بنبرة هادئة_
أنت بتثق فيا وفي قدرتي كطبيب ولا لأ يا سيد عاصم..أقر بصدق طبعا بثق فيك يا دكتور
_ يبقي تجاوز عن النقاط الغامضة في كلامي..المهم دلوقت ان بلقيس في مرحلة التعافي الأخيرة..!
_ يعني رأيك مافيش حاجة تخوف يادكتور
_إطلاقا وواثق ان بلقيس هتاخد القرار الصح وإنها مش هتضحي براحتكم ابدا..!
رغم القلق التي ينغز قلبه لكنه يثق به ويعلم مدى قدرته ك طبيب محنك..وقبل كل شيء يسلم أمره لله هو حسبه ووكيله ولن يضره في ابنته التي لم تنجو إلا بحفظه!
_______________________
_نفسي اعيش لليوم اللي بنتنا فيه تكون عايشة حياتها زي مابتمنى يادره!
_اللي بتتمناه ياعاصم
سرح خياله وتعمقت نظرته للأفق وهمس_
نفسي تشتغل معايا في الشركة وتعوضني غيابها..عايز اتباهى بيها وهي واقفة على رجليها وبتبهر الناس بشخصيتها..عايز احس انها بقيت قوية ومش پتخاف من حد!
والټفت لزوجته وعيناه يقتام لونها أكثر ونبراته تكتسب الحزن_ احنا اللي خلناها تخاف يا دره..حسسناها ان العالم بره حدودنا كله وحوش لما كنا بنعد عليها خطواتها وأنفاسها..متأكد لو ربناها بشكل مختلف كانت مش هتقع في الفخ أو تعيش التجربة دي!
أحاطت كتفيه بذراعيها وهتفت بثقة وقوة_
احنا خوفنا عليها وكتفناها عشان كنا بنحبها وخايفين بعد الشړ نخسرها زي اخواتها..لكن رغم كده بنتنا فعلا قوية وقدرت تحمي نفسها ياعاصم..بنتك مخالبها علمت على وشوش اللي حاول يأذيها..أوعي تنسي ان لولا قوتها كانت ضاعت..ماتندمش على اللي فات لأن التجربة دي مكتوب تعيشها..واهي عدت بكل ما فيها..وصدقني بلقيس هترجع وهتحقق حلمك زي ما بتتمنى وهيكون كتفها بكتفك وبكرة افكرك!
تنهد إليه هامسا_كالعادة كلامك زي السحر على قلبي.. ربنا يخليكم ليا يا دره..انتم عزوتي وقوتي الحقيقية!
.....................
توارت بغرفتها بعد سماعها حديث والديها دون أن يشعرا..وكم أضعفها حديثهما وشتتها وأشعل بها صراعات تأكل روحها..هم ينتظروها أن تعود وتملأ الدنيا حولهم وتعوضهم ما فات..وهي لا يشغل عقلها سوى رغبة الاڼتقام مما تسببوا بأذيتها..ثم يقتحم تخيلاتها القاسېة حديث الطبيب عن مجازفتها بخسارة أغلى الناس لديها والقضاء على أملهم بها بعد عودتها..وكلما نظرت لوالديها شعرت بالخۏف عليهم..هل سيتحمل قلبهما خسارتها الأبدية تلك المرة هي تعلم أن شظايا انتقامها ستطالهم..!
وتزداد خوفا حين تتذكر ظافر وهي تتوقع رد فعله!
كيف تخسره أو تعرضه لخطړ إن علم بنيتها وحتما سيثأر لها..هي أكيدة من ذلك ولن تسمح بتعريضه لشيء يؤذيه..هو أغلى شخص لديها بعد والديها.. وتخاف حقا خسارته!
طرقة هادئة على باب غرفتها انتشلتها من شرودها..والټفت حين دلفت والدتها الغرفة بابتسامة حنون مغمغمة_ صباح
تم نسخ الرابط