رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء السابع

موقع أيام نيوز

قالته إنها مش صغيرة وعايزة تتعود تعمل كل شيء يخصها لوحدها.. ومش لازم حد يرافقها كأنها طفلة..! وقالت حماتها جت من العمرة وطلبت تشوف مهند وانها مش هتقدر تيجي بنفسها عشان تعبانة!
_ ده كلام فارغ وتبرير ضعيف.. بلغيها لو مش هتستنى اخوها محمود اة تخلينا نروح معاها مش هتروح..أنا مش عشان بخاف على نفسيتها تسوق فيها..وده أخر كلام عندي! 
________________
باليوم التالي!
وضعت حقيبة صغيرة بالمقعد الخلفي لسيارة والدها التي استعارتها منه.. واتخذت موضعها خلف مقعد القيادة.. بينما همست والدتها بدهشة أنت هتسيبها تروح لوحدها يامحمد! ازاي سايبها تمشي ومش هامك.. اللي يشوفك امبارح يقول مستحيل تسمحلها تعمل اللي في راسها..!
تمتم وهو يراقب رحيل ابنته ماتقلقيش ياعبير!..ثم همس بغموض مش هتكون لوحدها..! 
_________________________________
_ أنت جايبني هنا ليه 
سألته بصوت خائڤ فهمس ليطمئنها
_متخافيش يابلقيس! واستطرد بنبرة أعمق 
بلقيس مش انتي بتثقي فيا أومأت بإجاب فقال خلاص يبقي تسمعي كلامي مادام متأكدة اني مستحيل اضرك أو اسيبك مع حد ممكن يأذيكي! 
_ يعني أنت هتسيبني هنا
ارجفها شعورها انه ينوي تركها..فعاد يهمس بنبرة اختلفت بجديتها المغموسة بقوته التي حاول بثها داخلها
_اسمعيني يابلقيس كل واحد فينا في خطوات لازم يمشيها لوحده.. وتجارب ماينفعش حد يخوضها غيره.. وانتي مش فاضلك غير خطوة أخيرة هتوصلك لبر الأمان! خطوة هتكوني بعدها انسانة جديدة قادرة تواجه..فاهمة الحياة وبتعرف تاخد قرارت حياتها..انسانة بتستمد قوتها من ربنا ثم نفسها..لكن مش من أي مخلوق تاني!
ترمقه بتيه وقلق فتغاضى وهو يواصل
عشان كده بطلب منك مټخافيش.. انتي كل اللي هتعمليه انك هتتكلمي مع دكتور محترم كان طول الوقت بيساعدك وهو في الظل وآن الآوان تتكلمي معاه وتعرفيه حاولي تستجيبي لمحاولته.. صدقيني بعدها هترتاحي وهتحسي ان في جبل اتفتت جواكي كان مقيدك.. انفضي ترابه عنك عشان تعرفي تتنفسي وتعيشي.. عشان خاطري حاولي تكوني شجاعة.. واجهي مخاوفك وقولي كل حاجة تعباكي ومخبياها.. انا عارف انك مخبية كتير..! 
ثم هبط بصره لخاتمها فهمس عايزك انهاردة تنزلي الدمعة المحپوسة جواكي.. حرريها عشان انتي كمان تتحرري معاها..!
حديثه بالنسبة لها طلاسم لا تفهمها.. ماذا يريدها أن تفعل
وكأنه قرأ سؤالها الغير منطوق فقال هتفهمي كل حاجة لما تدخلي وتتكلمي مع الدكتور..! 
دلف معها فوجدت غرفة إضاءتها مريحة وبسيطة يتوسطها مكتب أنيق ورجل عجوز يرتدي نضارة عيناه تحوي نظرة ودودة وكأنه يعرفها..!
وكم كان إحساسها صائب!
هو يعرفها من حديث ابيها وظافر عنها.. حالات كثيرة تمر عليه وتؤثر به عاطفيا..وأحيانا تنشأ في نفسه مع مرضاه علاقة روحية.. وهذا ما شعر به تجاه تلك الفتاة التي غزاه احساس الفخر حين بصرها.. تذكر كيف حاربت فتاة رقيقة مثلها من حاولوا استباحتها..كيف بذروة محنتها استعصمت بالله واستطاعت إيجاد مخرج يساعدها.. هي فتاة قوية وشابة جميلة وانعزالها عن العالم هو ذنب كبير تقترفه بحق نفسها دون أن تدري..لكن ليس بعد الآن..مادامت أتت إليه سيبذل كل طاقته وقدراته گ طبيب ليخرجها من شرنقة الخۏف الذي تكبلها..!
_____________________
همس الطبيب بصوت دافيء 
_ أزيك يا بلقيس.. أنا دكتور نبيل هاشم.. طبعا ماتعرفنيش بس أنا أعرفك كويس وكنت عايز اشوفك من زمان..!
رمقته بريبة وعيناها تتنقل بينه وبين ظافر ليبثها الأمان گ عادته فواصل الطبيب أخبار والدك عاصم بيه إيه والست درة والدتك
هل يعرف أبويها ويعرفانه هو صديق إذا..!
_ أنا عارف والدك واتقابلنا كتير واتكلمنا عنك.. تعرفي إن والدك بيحبك جدا وفخور بيكي
أخيرا زحفت ابتسامة على شفتيها من حديثه عن أبيها وقد شعرت ببعض الألفة..هذا الشخص يعرف أبويها وبشكل ما طمأنها هذا..!
_ تحبي تشربي إيه
نظرت لظافر فوجدته يهمس على التجاوب قولي عايزة تشربي إيه!
لم تجيب.. لا تريد شيء..تريد فقط الذهاب..!
_ عايزة أمشي!
هكذا غمغمت له غير مرحبة ذاك الطبيب..هو غريب وهي تخاف الغرباء..!
الطبيب بعتاب هاديء 
كده بردو مش هتشربي حاجة ولا نتكلم شوية!
نظر لها ظافر مش احنا اتفقنا انك تثقي فيا ومټخافيش أنا هستناكي برة قدام الباب دكتور نبيل هيسألك بس كام سؤال وبعدها هنمشي.. أوعدك!
تطالعه ولا تفترض ابدا أنه سيتركها لكنه يفعل.. يبتعد بالفعل ويده تمتد لمقبض الباب و..........
_ أستنى!
صاحت به وقدميها تلتهم المسافة بينهما حتى كادت أن تلتصق بذراعه وهي تهمس همشي معاك..مش عايزة اتكلم مع حد!
تبادل بضع نظرات مع الطبيب ثم عاد يحدثها 
عشان خاطري يابلقيس اسمعي بس كلام الدكتور وشوفي هيقولك ايه ومټخافيش انا هكون جمبك مش بعيد.. ولا انتي مش مصدقاني
اضعفها اللوم بعيناه.. كيف لا تصدقه.. وهل كڈب عليها ! حسنا فلتفعل ما يريد سريعا وتمضي من هنا..!
أرخت أناملها التي مكانت تتشبث به وعادت تنظر للطبيب فقابلها بابتسامة ودودو وأشار لها أن تجلس بذاك المقعد الذي يقابله! وبتردد فعلت واستكانت وعيناها تراقب رحيل ظافر..!
.................. 
ارتشفت بعضا من العصير الذي أحضره واستحلفها ان تتناوله ثم بدا يتحدث معها نبرة أكثر عمقا وتأثيرا عليها بشكل لا تفهمه..ما الذي يحدث معها لما يستدعي خيالها أشياء تتناساها وتخافها..وكأن هناك قبضة تعبث بذكراياتها القاتمة!
من يتحدث هي
دموعها تزحف
تم نسخ الرابط