رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الثاني عشر

موقع أيام نيوز

انتقتها له! هل يستهين بما تقوله بهذا الخاطر صاحت عليه بحدة
_ ايه اللي بتعمله ده ياعابد للدرجة دي مش مهتم بكلامياحنا في ايه ولا في ايه يا ابني! ماتركز في اللي بقوله.. هتخطب بسمة ولا لٱ
لم يجيبها مواصلا تقطيع ثمرات الفراولة بتروي عجيب فواصلت بإقناعه صدقني ياعابد البنت اللي اختارتهالك هتكون زوجة ممتازة وتليق بيك صحيح مستواها المادي متواضع بس انا يهمني اخلاقها وتعليمها وجمالها.. لو اخدتها هنرفعها لمستوانا وهتعيش معانا هنا في الجناح اللي فوق!
انهي ما يفعل ثم مد يده بقطعة فراولة وقال اتفضلي يا ماما
بدأت أعصابها تنفلت وهو يتجاهل قولها فهدرت 
جرالك ايه ياعابد.. فراولة ايه اللي بقالك ساعة بتقطعها وبعدين انا عمري ما حبيتها.. ! 
_ بس دي من أرضنا..حاجة مضمونة وزارعها بإيدي! 
_ حتي لو كنت انت اللي زارعها..لو أكلتها هتأذيني وتهيج الحساسية عندي.. ولا نسيت! 
قال بهدوء غريب بس انا بحبها وضامنها وحاسس انها مش هتتعبك!
جزت على أسنانها بنفاذ صبر انت شكلك اټجننت على الأخر.. انت عايز تأذيني ولا بتستهتر بكلامي معاك
ترك صحن الفاكهة جانبا ثم نظر لها مليا بغموض قبل أن يردف
وانتي ليه عايزة تأذيني يا أمي ليه بتطبقي عليا المنطق اللي انتي رفضتيه دلوقت انتي مقدرتيش تاكلي حاجة مش بتحبيها وهتأذيكي.. فمابالك بواحد يتجوز واحدة ويعاشرها سنين عمره كله هو مش بيحبها لمجرد انها رغبتك انتي
بسمة او غيرها مش أكلة هقدر ابدلها حسب ما احب ومن غير ما احس بتأنيب ضمير.. دي انسانة هيكون ليها عليا حقوق وعليها ليها واجبات..لو مش بحبها عمري ما هقدر اسعدها او تسعدني هو ده اللي انتي بتتمنيه ليه يا ماما
لم تجد ردا تدافع به بعد أن أخجلها بقوة رده ومنطقيته ووضعها بصورة مماثلة ليصلها احساسه..!
استطرد بعتاب انتي بتستغلي حبي ليكي عشان تجبريني امشي خطوة مش مقتنع بيها.. عايزة تتعسيني يا أمي!
اغرورقت عيناها وهي تشير لصدرها باستنكار لاتهامه القاسې على أمومتها أنا يا عابد أنا عايزة اتعسك يا ابني
_ أيوة يا ماما..للأسف بتعملي كده تحت مسمى انك عارفة مصلحتي.. بس ده مش حقيقي.. انا راجل اقدر اتحمل مسؤلية اي قرار او خطوة همشيها.. زوجتي دي هتكون من اختياري لأن انا اللي المفروض احبها مش انتي.. انا اللي ارتاح ليها مش انتي.. انا اللي لازم اقتنع بيها مش انتي.. انا اللي هعاشرها مش انتي
نكست رأسها باستسلام ودموعها تسيل فلم يتحمل رفع وجهها وجفف بانامله دموعها وهمس برفق أنا عارف إنك مش قاصدة كده.. بس دي الحقيقة.. أنا مش ممكن اتجوز بالطريقة دي يا أمي.. أرجوكي تسيبيني اختار براحتي.. وأوعدك اني مش هتجوز غير وانتي راضية عن اختياري!
_ ولو مارضتش عن اختيارك
_أنا مراهن على قلبك يا أمي.. وواثق انه مش هيردني مكسور الخاطر..واستأنف بعد عن لثم جبينها اللي هتختارها هتكون الأفضل ليا بمقايسي أنا وواثق أنها هتسعدني.. واعتقد سعادتي هدفك الأساسي!
أرجوكي يا ماما ماتحاوليش تاني تاخدي قرارت عني او تحطي قصادي اختيارات صعبة.. لأن مافيش مجال اختار بينك وبين حد.. انتي أعلي من أي كفة.. لأن مافيش ميزان هيقدر يقيم حبي ليكي وغلاوتك عندي! 
كلما تصفحت صورها القديمة بعهد طفولتها لا ترى بقسمات وجهها البريء سوى السخط..عبوس.. نظرة جامدة وشفاه مطبقة كأنها تكره تسجيل تلك اللحظات من عمرها بين إطار صورة تجمعها بأشقائها..تعلم انها ناقمة عليها گ أم وعلى أبيها رياض رحمه الله وسامحه.. تراهما المسؤلان عن وحدتها رغم أن الكلمات نضبت من حلقها وهي تترجاها ان تستقر معها وتعيش بين أشقائها.. لكنها ما أن كبرت قليلا حتى عزفت حتى عن زيارتها مكتفية بسؤال بارد من وقت لأخر.. أما رياض فاكتفى بتوفير خادمة امينة ترعاها وأموال كثيرة تحت تصرفها لتعيش كما يحلو لها.. ورغم هذا لم تري بليل عيناها غير النقمة والقسۏة..الفترة الوحيدة التي تعاملت معها بشكل حاني ودود.. حين خطبها رائد.. وكأنها كانت ترسم امامه علاقة مثالية كاذبة.. وما أن سافرت معه حتى شحت مرات اتصالاتها..وبعد انجابها حفيدتها الأولى رحمة..اكتفت بارسال صورها عبر الهاتف وعادت لتختفي ثانيا كما عهدتها دوما..بعيدة.. قاسېة!..لكن هل تجرؤ على لومها ولو قليلا
لا..! 
هي لم تحصد منها سوى ما زرعته فيها.. تعترف أنها أهملتها كثيرا خاصتا في فترة مراهقتها الخطېرة وانغمست برعاية صغارها الأخرين..وأسكنت ضميرها انها طلبت أن تعيش معها وهي من رفضت.. ماذا تفعل أكثر.. الخادمة ترعاها.. وأموال كثيرة تحت تصرفها.. ماذا تحتاج فتاة مثلها من الحياه أكثر من تلك المنح لا شيء! 
لكن بمرور الوقت أدركت انها لم تعطيها اهم شيء احتاجته صغيرتها.. الأمان والحنان والاهتمام..رودي اعتادت منها البعد وتأقلمت عليه حتى أصبحت علاقتهما باردة جافة.. وازدادت بعد الغربة جفاء.. ليتها تعيد عقارب الزمن للوراء لتصلح أخطائها..ربما لم يتغير قرار انفصالها عن رياض.. لكن حتما كانت ستتمسك بها أكثر وتحاوطها برعاية وحنان اكبر.. لكن لا بكاء سيعيد صفاء اللبن بعد
تم نسخ الرابط