رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الثاني عشر

موقع أيام نيوز

معاكي..هسيبك لحد ما تستوعبي لكن مش هصبر كتير.. مش لأني فقير الصبر..لأ.. لأني مش عايز اضيع وقت تاني وانتي بعيد..تصبحي على خير يا فواحة!
تلتهم كلماته بعينيها وتحاول استيعابها..تريد التصديق..لكن ماذا تفعل ومارد ظنونها يحاربه ويكبلها..يزيد يحبها هي!
اغمضت عيناها بقوة لتصد عنها سهام أفكارها القاټلة..ليتها تسقط في غفوة الآن.. هي نجاتها من براثن صراع عقلها المجهد! 
جانب أخر من شخصيته تختبره للمرة الأولى منذ أن عملت جواره تلك الفترة!..جديته ورزانته في التعامل عكس روحه المرحة التي عرفتها..سيطرته على جميع العاملين في المزرعة بقوة وحزم يمتزج باحترامه وتقديره لما يقدمون..لكن أمر وحيد أقلق مضجعها.. تباسطه نوعا معاه مع تلك الصغيرة فضية العينين بسمة أيقونة الرقة بشهادتها هي گ أنثى.. ربما تتفهم أن عابد يحتوي قلة خبرتها كما زعم أمامها ذات مرة.. لكن ما أوجسها وأذهب عن جفناها النوم حين سمعت قدرا توصية العمة كريمة لعابد عليها..وسرد خصالها الحميدة بشكل مبالغ به..ورغما عنها نغز قلبها الحزن وهي تتذكر حديثها الچارح انها أرملة لديها طفل ولا تليق بعروس لابنها..!
لم تشعر بتلك القطرات التي انحدرت من عيناها إلا وهي تزحف لجانب عنقها فجففتها وأحضرت صورة زوجها الراحل وراحت تتأمله.. فلم تجد سوى انعكاس ملامحها نفسه.. كل الطرق تؤدي إليه!
_ صاحية يا زمزم
صوت والدتها مع طرقتها الهادئة انتشلها من شرودها فأعادت صورة زوجها لمكانها وجففت عبراتها وقالت اتفضلي يا ماما
دلفت تحمل بيديها صينية صغيرة يعلوها كوب حليب وبعض الفطائر وقالت بعد أن وضعتها بالجوار لقيتك نمتي من غير عشا قلت اجيبلك حاجة خفيفة تاكليها مع كوباية لبن تسندك
ابتسمت بمحبة تسلم ايدك يا حبيبتي.. بس انا مش جعانة! 
همست برجاء حاني طب لو قولتلك تاكلي عشان خاطري
ردت بحنان حاضر يا ماما هاكل عشانك! 
راحت تلوك بعضا من فطائرها وهي ترتشف من الحليب الساخن وعبير تتأملها بشرود والقلق يطفو على قسماتها بقوة فربتت زمزم علي كفها مغمغمة أنا كويسة يا ماما مټخافيش!
همست عبير يعني مرتاحة في الشغل مع عابد
_ الحمد لله! ومبسوطة جدا بجو الشغل.. انا كنت محتاجاه!
تنهدت عبير ونكست رأسها بحزن أوجس زمزم فتسائلت وهي ترفع وجهها بأطراف أناملها قوة. جبارة كي لا تعبس في وجهها متذكرة عهدها مع زمزم ألا تتغير معها..! ربما لأن داخلها يلتمس لها عذرا..تجربة كريمة مع يزيد وجرحه من ابنة عمه ربما ترك بها عقدة.. لذا رفضت فكرة ان يكرر عابد نفس القصة خاصتا مع ظروف ابنتها گ أرملة لديها طفل..!
_ ماما ساكته ليه قلقتيني! 
اغتصبت ابتسامة زائفة وهي تنهض هروبا مافيش حاجة يا زوما اطمني.. انا بس كنت خاېفة تكوني مش مبسوطة في الشغل وحبيت اطمن.. وواصلت هسيبك بقى تنامي عشان بتصحي بدري.. تصبحي على خير..!
همت بالرحيل فتركت زمزم فراشها وحالت دون خروجها وهتفت بحزم قولي اللي عندك يا ماما لو سمحت.. وغلاوتي انا ومهند عندك ما تخبي عليا حاجة المفروض اعرفها..! 
أطرقت برأسها ثانيا واغرورقت عيناها تلك المرة فأرتجف قلب زمزم ولفحها تيار ظنونها وهتفت بقوة ظاهرية اتكلمي يا ماما ومټخافيش عليا.. يمكن اللي هعرفه دلوقت يكون في مصلحتي مش ضدي!
تردد عبير وهي تطالعها ثم همست بخفوت كريمة زارتني انهاردة و... .
صمتت وظلت زمزم تترقبها وهو تعاود مستطردة وقالتلي انها جابت عروسة لعابد اسمها بسمة وشغلتها معاه في المزرعة!
تجمدت كتمثال لبرهة ثم شعرت أنها ترتعش والأرض تتلاشى أسفلها وهي تسقط فاقدة السيطرة تماما على قدميها..لتصرخ عبير وهي تتلقفها لتمنع سقوطها..لكن لم تكفي قوتها لتحميها من السقوط!
أوشك الملح الزائد أن يفسد الطعام الدي يحاول تحضيره في وقت قياسي مع المحافظة على جودته لينال فرصته بالفوز بالتحدي الجديد بين فريقه في البرنامج..مكالمته بالأمس مع العم عاصم أقلقته حين أخبره انه سيتحدث معه بشيء هام يخص بلقيس حين يعود.. ماذا حدث وكيف سينتظر تلك المدة المتبقية على عودته ليتحدث معه ويطمئن
_ يا زلمة.. وين عئلك
انتبه لتحذير رفيقه فادي في نفس فريقه وأدرك انه كاد يفسد طعانه مرة أخري فغمغم باعتدار ممتن شكرا لتنبيهك يا فادي.. فعلا سرحت شوية!
نفض كل أفكاره بقوة واستجلب كل تركيزه بما يفعل حتى لا يتسبب بخسارة وهو إلى الآن محافظا على مستواه بين الجميع! 
.....................
أخيرا انتهى يومه وانفرد بفراشه وظل يتقلب بأرق ليسقط بغفوة ويسكت أفكاره وهواجسه.. وفشل بإسكاتها قرر أن يستجيب لرغبته حتي لو انتصف الليل لا يهم..التقط هاتفه ليتصل برقم سيطر صاحبه على عقله طيلة الوقت! 
_ السلام عليكم ياعاصم بيه! 
بدا النعاس يغلف صوت الأخير وهو يجيبه وعليكم السلام. ورحمة الله وبركاته يا ابني.. ايه خير ياظافر حصل حاجة 
ثم نظر لساعته فوجدها تخطت التانية عشر دقائق فغمغم مش المفروض بتكون نايم دلوقت 
_ المفروض.. بس مش عارف أنام
_ ليه يا ابني مالك تعبان
_ بالي مشغول ياعمي بعد كلامك ليا امبارح!
تنهد وهو يستعد تركيزه ويفقد أثر النوم وقال 
انا ماقصدتش اشغلك ابدا.. بس الكلام جاب بعضه وانا
تم نسخ الرابط